top of page
صورة الكاتبالدكتور محمد الزنان

التدوير الوظيفي الحيوي: أداة إدارية لتعزيز الفاعلية والإبداع في المنظمات

في عالم الأعمال الحديث، يتزايد التركيز على تطوير المواهب والاستفادة من القدرات البشرية المتاحة بطريقة تعزز الابتكار وتقلل من البيروقراطية والتكرار. واحدة من أبرز الأدوات التي ظهرت لتحقيق هذه الأهداف هي التدوير الوظيفي (Job Rotation). يهدف التدوير الوظيفي إلى إعطاء الموظفين الفرصة لاكتساب خبرات متعددة من خلال ممارسة وظائف متنوعة داخل المنظمة، سواء في المجالات الفنية أو الإدارية أو القيادية. هذه التقنية الحديثة لا تعزز فقط مهارات الموظفين، بل تساعد أيضًا في كشف المواهب الكامنة والقضاء على الرتابة التي قد تصاحب الوظائف الثابتة على المدى الطويل.




مفهوم التدوير الوظيفي

التدوير الوظيفي هو نظام إداري يُستخدم لتنقل الموظفين بين وظائف مختلفة ضمن المؤسسة بشكل منظم ومجدول. يتم تصميم هذا التدوير وفق خطط إدارية محددة بهدف تحسين أداء الموظفين وتطويرهم مهنياً. عادة ما يتم تحديد فترة معينة لممارسة الوظائف الجديدة، قد تكون أربع أو خمس سنوات، يتم بعدها تحويل الموظف إلى وظيفة أخرى، مما يتيح له اكتساب مهارات وخبرات جديدة.

يهدف هذا النهج إلى تعزيز مرونة الموظفين، وتوسيع مداركهم، وإعدادهم لتحمل مسؤوليات أكبر في المستقبل. كما يعمل التدوير الوظيفي على تخفيف حدة الروتين الوظيفي والحد من تراكم السلطة في يد موظف واحد لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تخفيف حدة البيروقراطية والإدارة الروتينية.


أهمية التدوير الوظيفي

تكمن أهمية التدوير الوظيفي في عدة جوانب، منها:

  1. اكتشاف القدرات الكامنة: يتيح للمنظمات التعرف على المواهب والقدرات غير المكتشفة لدى الموظفين، خاصة في حال تم تكليفهم بمهام تختلف عن مهامهم المعتادة. هذا يعزز من قدراتهم الإبداعية ويحفزهم على تقديم أفضل ما لديهم.

  2. مكافحة البيروقراطية والرتابة: الموظف الذي يبقى في وظيفة واحدة لفترة طويلة قد يصاب بالملل والروتين، مما قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والإبداع. التدوير الوظيفي يساعد في كسر هذه الدورة ويمنح الموظفين تحديات جديدة.

  3. تطوير القيادات: يُعتبر التدوير الوظيفي أحد الأساليب الفعالة لتطوير القيادات المستقبلية في المنظمة، حيث يتعرض الموظفون لتجارب وظيفية متنوعة تساعدهم في تنمية مهاراتهم القيادية والإدارية.

  4. تحقيق الاستدامة التنظيمية: بفضل التنقل الوظيفي، تضمن المنظمة وجود عدد كافٍ من الموظفين الذين يمكنهم أداء مجموعة متنوعة من المهام، مما يعزز استدامة العمليات ويقلل من الاعتماد على فرد أو فريق محدد.


التدوير الوظيفي والفعالية: نموذج الابتكارات الذكية

بالرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها التدوير الوظيفي، يبقى السؤال الأهم: كيف نضمن أن يكون الموظف فاعلاً في وظيفته الجديدة؟ هنا يأتي دور "نموذج الابتكارات الذكية" الذي يعتمد على أدوات علمية لتحديد مدى استعداد الموظف للوظيفة الجديدة قبل تكليفه بها.

واحدة من الأدوات المستخدمة في هذا النموذج هي مقياس هيرمان للهيمنة الدماغية (HBDI®)، الذي يهدف إلى قياس تفضيلات التفكير لدى الأفراد، وتحديد الأسلوب العقلي الذي يتبعه كل شخص في معالجة المعلومات واتخاذ القرارات. هذا المقياس يساعد في فهم نقاط القوة العقلية للموظفين وتوجيههم نحو الوظائف التي تتناسب مع تلك التفضيلات.


مقياس هيرمان للهيمنة الدماغية (HBDI®) ودوره في التدوير الوظيفي

يعتمد مقياس هيرمان على تقسيم الدماغ إلى أربعة أنماط تفكير رئيسية:

  1. الربع الأيسر العلوي (التحليلي): يتسم الأفراد الذين يفضلون هذا النمط بالتركيز على الحقائق والتحليل المنطقي. يتميزون بالدقة والقدرة على التعامل مع الأرقام والتحليل الفني.

  2. الربع الأيمن العلوي (الإبداعي): الأشخاص الذين يفضلون هذا النمط يتميزون بالتفكير الإبداعي والقدرة على رؤية الصورة الكبيرة، إضافة إلى قدرتهم على الابتكار وتطوير الأفكار الجديدة.

  3. الربع الأيسر السفلي (المنهجي): هؤلاء الأفراد يهتمون بالتنظيم والتخطيط. يحبون العمل وفق قواعد وإجراءات واضحة، ويتميزون بالدقة في تنفيذ المهام الإدارية والفنية.

  4. الربع الأيمن السفلي (العاطفي): الأفراد الذين يفضلون هذا النمط يهتمون بالجوانب الإنسانية في العمل. يتميزون بالقدرة على التواصل الفعال والعمل ضمن فريق.

باستخدام هذا المقياس، يمكن للمنظمات توجيه الموظفين إلى الوظائف التي تتوافق مع تفضيلاتهم العقلية، مما يعزز من فاعليتهم في تلك الأدوار.


معايير نجاح التدوير الوظيفي

لكي يكون التدوير الوظيفي فعالاً، يجب أن يتم بناءً على مجموعة من المعايير، منها:

  1. التوافق بين التفضيلات العقلية والمهام الجديدة: يجب أن تكون الوظيفة الجديدة متوافقة مع نمط التفكير الذي يفضله الموظف. إذا تم توجيه الموظف نحو مهام تتناسب مع قدراته العقلية، فإنه سيصبح أكثر إنتاجية وفاعلية.

  2. التحفيز والتشجيع المستمر: يجب أن يشعر الموظفون بالدعم من الإدارة، وأن يتم تحفيزهم للتعلم والنمو في الوظائف الجديدة.

  3. التدريب والتأهيل: لضمان نجاح الموظف في دوره الجديد، يجب أن يحصل على التدريب اللازم لتطوير المهارات المطلوبة.

  4. التقييم المستمر: ينبغي أن يتم تقييم أداء الموظفين بانتظام للتأكد من تقدمهم وفاعليتهم في الوظائف الجديدة.


الخلاصة

يعد التدوير الوظيفي تقنية إدارية حديثة تهدف إلى تطوير الموظفين وتعزيز الابتكار والفاعلية داخل المنظمات. من خلال تقديم فرص جديدة للموظفين وتجديد الأدوار، يمكن للمؤسسات تحقيق نتائج أفضل، سواء على صعيد الأداء الفردي أو على مستوى المنظمة ككل. يعتمد نجاح هذه التقنية على فهم تفضيلات التفكير لدى الموظفين وتوجيههم نحو الأدوار التي تتناسب مع قدراتهم العقلية والإبداعية، وهو ما يحققه نموذج الابتكارات الذكية باستخدام مقياس هيرمان للهيمنة الدماغية.

٣٠ مشاهدة٠ تعليق

コメント


bottom of page